فصل: القاعدة الثالثة: في صفات الله وتحتها فروع أيضًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد **


 القاعدة الثالثة‏:‏ ‏"‏في صفات الله‏"‏ وتحتها فروع أيضًا

الفرع الأول‏:‏ صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى‏}‏ ‏[‏سورة النحل، الآية‏:‏ 60‏.‏‏]‏‏.‏ ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته‏.‏

وإذا كانت الصفة نقصًا لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصًا لمنافاة النقص للربوبية‏.‏

وإذا كانت الصفة كمالًا من وجه، ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالًا، وتمتنع في الحال التي تكون نقصًا كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالًا إذا كانت في مقابلة مثلها؛ لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصًا في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏[‏ سورة الأنفال، الآية‏:‏ 30‏.‏‏]‏ ، ‏{‏إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا‏}‏‏[‏ سورة الطارق، الآيتان‏:‏ 15، 16‏.‏‏]‏، ‏{‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ‏}‏‏[‏ سورة النساء، الآية‏:‏ 142‏.‏‏]‏‏.‏ إلى غير ذلك‏.‏

فإذا قيل‏:‏ هل يوصف الله بالمكر مثلًا‏؟‏

فلا تقل‏:‏ نعم، ولا تقل‏:‏ لا، ولكن قل‏:‏ هو ماكر بمن يستحق ذلك، والله أعلم‏.‏

الفرع الثاني‏:‏ صفات الله تنقسم إلى قسمين‏:‏ ثبوتية، وسلبية‏:‏

فالثبوتية‏:‏ ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به؛ لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته‏.‏

والسلبية‏:‏ هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالًا حتى يتضمن ثبوتًا‏.‏

مثال ذلك‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا‏}‏‏[‏ سورة الكهف، الآية‏:‏ 49‏.‏‏]‏‏.‏ فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل‏.‏

الفرع الثالث‏:‏ الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين‏:‏ ذاتية، وفعلية‏.‏

فالذاتية‏:‏ هي التي لم يزل ولا يزال متصفًا بها كالسمع والبصر‏.‏

والفعلية‏:‏ هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش، والمجيء‏.‏

وربما تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام متعلق بمشيئته يتكلم بما شاء متى شاء‏.‏

الفرع الرابع‏:‏ كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة‏:‏

السؤال الأول‏:‏ هل هي حقيقية‏؟‏ ولماذا‏؟‏

السؤال الثاني‏:‏ هل يجوز تكييفها‏؟‏ ولماذا‏؟‏

السؤال الثالث‏:‏ هل تماثل صفات المخلوقين‏؟‏ ولماذا‏؟‏

فجواب السؤال الأول‏:‏ نعم حقيقية، لأن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بدليل صحيح يمنع منها‏.‏

وجواب الثاني‏:‏ لا يجوز تكييفها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا‏}‏ ‏[‏سورة طه، الآية‏:‏ 110‏.‏‏]‏‏.‏ ولأن العقل لا يمكنه إدراك كيفية صفات الله‏.‏

وجواب الثالث‏:‏ لا تماثل صفات المخلوقين لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ ‏[‏سورة الشورى، الآية‏:‏ 11‏.‏‏]‏ ، ولأن الله مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه فلا يمكن أن يماثل المخلوق لأنه ناقص‏.‏

والفرق بين التمثيل والتكييف أن التمثيل ذكر كيفية الصفة مقيدة بمماثل، والتكييف ذكر كيفية الصفة غير مقيدة بمماثل‏.‏

مثال التمثيل‏:‏ أن يقول قائل‏:‏ يد الله كيد الإنسان‏.‏

ومثال التكييف‏:‏ أن يتخيل ليد الله كيفية معينة لا مثيل لها في أيدي المخلوقين فلا يجوز هذا التخيل‏.‏